إرادة العراق التي لا تُهزم: كيف غيّرت الفتوى مسار التاريخ


تاريخ الاضافة: 2025-06-12 10:18:07 | عدد الزيارات:79

في وقتٍ كهذا قبل (11) سنةً مرَّتْ علينا نحن العراقيين أطول وأصعب ليلةٍ عشناها في حياتنا. فقد رأينا أسوأ كوابيسنا عياناً حين بدا كما لو أنَّ وطننا العراق المُهاب، هذا الطود العظيم الذي عمره آلاف السنوات على وشك أنْ يتصدّع على يد عصابةٍ خارجةٍ من أحلك الكهوف ظلمةً ومحمَّلةٍ بأكثر العقائد ظلماً.

كانتْ أنباء انفراط المدن على يد هؤلاء الظلاميين خناجر تنغرس في وجداننا، لكنْ لم تُشرق شمس تلك الليلة إلّا مع صوتٍ قويٍّ أعاد للبلاد توازنها وللعراقيين إيمانهم بحتميَّة انتصار نورهم على عتمة الكهوف.

كان ذلك الصوت صوت المرجعيَّة، وبكلماتٍ قليلةٍ لكنّها حاسمةٌ لبس الشارع العراقيُّ كلّه ثياب القتال. ومنذ تلك اللحظة اندحر اليأس أوّلاً قبل أنْ يندحر الظلاميون، ووُلدت الثقة بالنفس قبل أنْ يبدأ النصر، وكُتبتْ فتوى الجهاد الكفائيِّ بحروف الذهب قبل أنْ يكتب التاريخُ انتصار العراق.

لم تكنْ فتوى المرجعيَّة مجرَّد دعوةٍ لقتال الإرهابيين وحسب، بل كانتْ إيذاناً بطيّ صفحة الطائفيَّة والشروع بمرحلةٍ جديدةٍ لا مكان فيها إلّا لمنْ يُريد العراق واحداً موحّداً بريئاً من دنس التكفيرين.

الفتوى أنقذت الدولة العراقيَّة، لكنّها في الوقت نفسه أنقذتْنا جميعاً من الشعور بالقنوط ومن الاستسلام للعجز، ودلّتْنا على مكامن القوّة في نفوسنا وعرّفتْنا على حقيقة أنَّ ما يجمع العراقيين أقوى بكثيرٍ ممّا يدعو إلى تفرّقهم وتنافرهم.

في ذكرى هذه الفتوى العظيمة نستذكر آلاف الشهداء الذين وقفوا ساتراً منيعاً لحماية قلب العراق، من الجيش والحشد والشرطة الاتحاديَّة والبيشمركة ومتطوّعي العشائر.

لأرواحهم التحايا والسلام كلما نطقنا اسم العراق.

بقلم/ احمد عبد الحسين