ذي قار ــ قاسم الحلفي
تصوير ـ خضير فضالة
ثلاث صبيات توشحن بالسواد وارتدين الكمامات شاركن هذا العام في المسير الى كربلاء ليواسين السيدة زينب والسيدة رقية عليهن السلام والسبايا في فاجعة الطف الاليمة، أثرت فيهن حكايات عائلاتهن وما يسمعنه من محاضرات او قصائد دينية عن جروح الطف العميقة في قلب كل محب للحسين عليه السلام، لكن قصة ومأساة السيدة رقية اصبح لها أثر واضح في نفوسهن وخرجن ليشاركن في العزاء وكأنهن خادمات يواسين سيدة مبجلة لكنها قريبة لنفوسهن لانها من عمرهن.
الصبيات ورقية
وقفت فاطمة وزينب ورقية الى جدار احد المواكب في منطقة الطار المعروفة بطابعها الزراعي في محافظة ذي قار والعرق يتصبب من جباههن، لياخذن قسطا من الراحة، صبيات بعمر الورود رافقن عائلاتهن في السير الى كربلاء المقدسة لمواسات العقيلة زينب والسبايا.
تقول فاطمة احمد (14 عاما) منذ ثلاث سنوات وانا ارافق عمتي وبناتها في السير الى كربلاء المقدسة في الزيارة الاربعينية لانني تعلمت من عائلتي ومن المحاضرات الدينية ومجالس العزاء النسائية والقصائد الحسينية ان مصيبة كربلاء لا تظاهيها مصيبة حيث قتل الإمام الحسين عليه السلام واهل بيته وصحبه وسبي ما تبقى من عياله وعائلات اصحابه، وتلعثمت وارتجفت شفاهها وهي تقول ان اكثر شخصية ابكي عند ذكرها هي السيدة رقية عليها السلام فعمرها تقريبا من عمري وقد اصابها المرض وقسوة الظالمين وعذاب الاسر والسبي ثم ماتت شهيدة بحسرة وهي تحتضن اباها، وهنا توقفت فاطمة واجهشت بالبكاء واستدارت مبتعدة بحياء.
زهراء ورقية واطفال الطف
شاركت زهراء ورقية بنات عم فاطمة البكاء ثم اجابت زهراء عن سؤالها عن عمرها بأنها تبلغ من العمر 11 عاما وانها تسير مع اهلها الى كربلاء من ذي قار منذ عامين، متحدثة بطريقة حادة تكبرعمرها بسنوات، انها تقتدي بالسيدة رقية عليها السلام في صبرها وجلدها على الضيم والبلاء، وانها حفظت قصة كربلاء والسبي وعودة السبايا عن ظهر قلب من عائلتها وعرفت ان في الطف اطفال كثيرون مثل عبد الله الرضيع والقاسم ورقية عليهم السلام وغيرهم من الصبية، وان على كل العائلات اصطحاب اطفالهم في مسيرة الاربعين تأسيا بالحسين عليه السلام لان الطف مدرسة تعلم الانسان الثورة على الظلم والظالمين.
صبيات البصرة
احداهما فاطمة باهر في السادس الابتدائي تشارك بالمسير الى كربلاء المقدسة للمرة الاولى والاخرى اختها زينب جاءتا من منطقة الدير بالبصرة مع امهما تفتخر فاطمة بالقول اشعر بفخر وانا اسير مع الزائرين بعد ان كنت اشاهدهم في التفاز واتمنى ان اشاركهم وكان الاهل يخبروني انني صغيرة ولا طاقة لي على المسير اما الان فان العزم الذي اصبح لدي لا حدود له، وعرفت الآن معنى ان اشارك السيدة زينب والسيدة رقية والسبايا بالمواساة والعزاء، فيما تضيف اختها زينب ان عائلتي واقاربي يسيرون الى كربلاء المقدسة وعلمونا ان السير الى كربلاء يسعد قلب الزهراء وزينب عليهن السلام فانا رغم صغر سني الا اني اشعر بسعادة كبيرة وانا اشارك في المسير وسابقى على هذا العهد لاني احب الحسين عليه السلام.
طفلتان في الطريق
كزهرتان تزهوان وقفتا على طريق الزائرين تقدمن سوائل التعفير والوقاية للزائرين، تقول زينب فزع من منطقة الطار بمحافظة ذي قار انها تتأثر كثيرا بقصة السيدة رقية عليها السلام وهي تشارك في موكب اهلها على طريق الزائرين منذ سنتين تقدم الطعام وورق المحارم والفاكهة، لكن في هذا العام اوقفني والدي وجهزني بمواد التعفير لرش كفوف الزائرين وتوزيع الكمامات عليهم لمساعدتهم للحصول على الوقاية اثناء السير الى كربلاء المقدسة، وتضيف نجحت هذا العام الى الصف السادس الابتدائي وانا متفوقة في دراستي لان والدي يخبرني بأن الحسين عليه السلام يريدنا متفوقين وناجحين، وتشاطرها بنت اخيها زهراء متحدثة انها ايضا متفوقة بالدراسة، وتعشق المشاركة في مسيرة الاربعين وهي تشعر بالاهمية حيث تعفر كفوف الزائرين وتقدم لهم ورق المحارم حيث تتلقى كلمات الشكر والثناء منهم، وتضيف بطرقة طفولية عفوية، اصبحت أسأل امي وابي يوميا عن الحسين وزينب ورقية والعباس وكربلاء والطف والسبي لاني اريد ان اعرف كل شيء عنها.