اطفال وصبية من اهالي محافظات الانبار وديالى اصابهم مرض الثلاسيميا ونهش اجسادهم ونظارة وجوههم، فمنهم من ترك مقاعد الدراسة وآخرين لم يروا من الدنيا منذ ولادتهم الا المستشفى والسرير ونقل الدم والنحول والضعف والشحوب والالام، هرع ذويهم لعلاجهم في محافظاتهم او في العاصمة بغداد، لكن الابواب التي طرقوها لم تكن تملك ما يشفي ابنائهم فزادت حيرتهم وقلقهم على حياة ابنائهم، فعلى مدى سنوات تملئ اجسادهم بالدماء الجديدة ولا نفحة شفاء تظهر في الافق، فبعد عجزهم وشبه يأسهم، دلهم الله سبحانه وتعالى على مظلة أبي عبد الله الحسين عليه السلام منبع الرحمة ونبراس الرأفة ليحطوا رحالهم تحتها وتستقبلهم مستشفيات العتبة الحسينية المقدسة وتنقذ ابنائهم من نهش المرض وتسارع الى نجدتهم، كيف لا وكل من يعمل بها يسير على نهج المرجعية الدينية العليا التي جعلت اوسع ابوابها هو باب الرحمة بالناس من جميع الاديان والمذاهب والقوميات والملل والنحل.
عشرة اطفال من الانبار
اصيب الطفل "حسين عمر" الذي يبلغ من العمر تسع سنوات بمرض الثلاسيميا منذ صغره وهو من محافظة الانبار وراجع به والده في محافظة بغداد بمدينة الطب وفي الانبار اخذه الى اطباء اخصائيين في عياداتهم وجاء الى كربلاء ليراجع عند اطباء في عياداتهم الخاصة، ولكن لم تتحسن حالته ابدا لان العلاج مقتصر على اعطائه الدم واقراص خفض نسبة الحديد في الدم وكلها لم تجدي نفعا، ويقول والده انه "عرف بالمبادرة عن طريق احد الاطباء المتكفلين بالتنسيق مع العتبة الحسينية المقدسة مجانا بكلفة تتحملها العتبة المقدسة نفسها والذي رشح اسم ولدي للعلاج مع تسعة اطفال آخرين من محافظة الانبار، وجئنا الى المستشفى ووجدت فرقا كبيرا في الرعاية الصحية والعناية والاسلوب الانساني وخبرات الاطباء والتمريضيين والاجهزة والمعدات الحديثة التي لا يوجد مثلها في كل العراق واساليب التشخيص والعلاج الدقيقة حيث كانت نسبة الدم في جسم ولدي (9800) وانخفضت الآن الى (3800) بفارق (6000) درجة وتحسنت حالته كثيرا وكان يضيق صدره ويصعب عليه الكلام واصبح يتكلم ويتنفس اعتياديا وكان وجهه غامقا واصبح الآن ابيض واخبرنا الاطباء ان ولدي سيتعالج بشكل تام، ودون مجاملة اقول ان مبادرة العتبة الحسينية المقدسة اعتبرها فضل في عنقي لن انساه ونعجز عن شكره ومع كل الخدمات الطبية التي قدمت لنا تحملت العتبة المقدسة تكاليف علاج ابنائنا وهي بادرة انسانية قل نظيرها".
بنت ديالى
صبية من محافظة ديالى بعمر الورد متفوقة في دراستها لاحظت امها ان يدها ظهر عليها طفح جلدي فخافت عليها كثيرا واخذتها الى احد الاطباء المختصين بالامراض الجلدية ولم تعرف ماذا اصاب ابنتها فاعتراها الخوف على ابتنها الصبية التي تشبهها بالقنديل في الظلمة الحالكة وتقول والدة الصبية " فرح محمود داود" لوكالة نون الخبرية ان " ابنتي بقيت في المستشفى في محافظة ديالى لمدة اربعة ايام في قسم الطوارئ دون ان يستطيع الاطباء تشخيص حالتها او تتحسن صحتها، فاصابتنا انا وابيها الحيرة والذهول لعدم معرفة ماذا اصاب ابنتنا، ودلنا احد الاطباء على مستشفى الحسن المجتبى (عليه السلام) واكد لنا ان في هذا المستشفى ستجدون من يعرف حالة ابنتكم وعلاجها، وجئنا فعلا واستأجرنا سيارة اسعاف لان ادارة المستشفى رفضت ان يرسلوا ابنتنا التي لم تعد تقوى على المسير والسفر على حسابنا الخاص، وكانت حالتها متردية وسيئة وخطرة جدا وقد تعرضت الى نزيف بالدماغ قد يؤدي الى وفاتها في اي ساعة، وما ان دخلنا باب المستشفى ومن استقبال موظفي الاستعلامات لنا ومن بعض الملاكات الطبية والتمريضية وتصرفاتهم التي تنم عن انسانية عالية علمنا ان ابنتنا ستعاد لها العافية، وبالفعل خضعت الى الفحص بالايكو والاشعة والرنين وشخصت حالتها على الفور واعطيت العلاجات المناسبة وفي هذا المستشفى كل شيء جيد ومميز وفي مقدمته التعامل الانساني ونحن هنا منذ (12) يوما ورفعت نسبة الصفائح في الدم من صفر الى عشرين واخبرنا الاطباء انها لن تخرج من المستشفى الا وهي بكامل عافيتها وتعاد الى مقعدها الدراسي في الصف الثاني المتوسط".
رهف وسنين عذابها
عمرها خمس سنوات ومنذ الشهر الثالث اصيبت بفقر الدم الشديد والشحوب واصفر وجهها وشخصت حالتها بمرض الثلاسيميا الوراثي هكذا يصف والد الطفلة "رهف" حالة ابنته لوكالة نون الخبرية ويقول "يوسف سليمان" انه " يسكن في محافظة الانبار وراجع بها احد الاطباء الاختصاص في العاصمة بغداد وشخص حالتها بمرض الثلاسيميا وقرر نقل الدم لها، فذهبنا الى مستشفى الرمادي التعليمي لاجراء عملية نقل الدم لابنتي وبقيت على هذا الحال لمدة خمس سنوات وطرأ تحسن طفيف على حالتها وحصل لها شحوب كبير وتضررت اسنانها وصاحبها آلآم في بطنها وحصلت لها مضاعفات، وفي نفس المستشفى وبعد ان عجزنا اخبرنا اطباء في المستشفى بأن العتبة الحسينية المقدسة افتتحت مستشفى لعلاج امراض الدم متطور جدا فجئنا في شهر كانون الاول من العام الجاري الى المستشفى ووجدنا فرقا كبيرا بينه وبين مستشفى الرمادي فالاجهزة الطبية الحديثة لا تتوفر هناك وعمليات نقل الدم كانت تجري بشكل مباشر باعتماد مطابقة الصنف فقط دون فحص او تشخيص عن امراض الدم، بينما هنا توجد دقة في تشخيص الدم والمريض ومحمي من المضاعفات وتحسنت حالتها وعاد وجهها الى النظارة وبدأت تتحرك طبيعيا ورحلت عنها الام البطن والاسنان، وهذه المبادرة اصفها بالانسانية وتستحق تقديم الشكر لكل من ساهم بها".
قاسم الحلفي