بقلم الأديب والشاعر : حسن كاظم الفتال
لقد وضع الإمام السجاد صلوات الله عليه الأسس التربوية المتينة والرصينة لمنظومة متميزة بالدعاء وقد جعل من هذه المنظومة كتابا مفتوحا لقراءة أسرار كثيرة ومنها معرفة عظمة الخالق المبدع وتنمية الروح الإيمانية في الفرد وطرح أسلوبا غاية في الرقي لاستخدام الدعاء وطلب الحاجة باسلوب واعي مثقف حضاري ينسجم مع لغة العصر من ناحية وبالمنطق الذي يستوجب استخدامه من قبل العبد المؤمن في مخاطبة الباري عز وجل .
فقد ألف زبور آل محمد وضمنه أدعية يمكن أن تكون منهاجا ينتهجه من يود أن يستلهم الدروس في المعرفة . ألا وهي الصحيفة السجادية . التي دون فيها مناجات يعرف الناس من خلالها كيفية ممارسة التفاعل مع المفردة الصادقة المنتخبة والتي تنشأ الإتصال الروحي الصميمي الصادق بين العبد وربه عن طريق الدعاء بصيغة توسل بالغة بالله بعد معرفة كيفية تعظيمه والمبالغة في التذلل والخشوع والخنوع.
يقول صلوات الله عليه ضمني والدي صلوات الله عليه إلى صدره يوم قتل والدماء تغلى وهو يقول : يا بني احفظ عني دعاءً علمتنيه فاطمة صلوات الله عليها وعلمها رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمه جبريل صلوات الله عليه في الحاجة والمهم والغم والنازلة إذا نزلت والأمر العظيم الفادح ، قال: ادع بحق يس والقرآن الحكيم ، وبحق طه والقرآن العظيم يا من يقدر على حوائج السائلين ، يا من يعلم ما في الضمير، يا منفس عن المكروبين ، يا مفرج عن المغمورين، يا راحم الشيخ الكبير ، يا رازق الطفل الصغير ، يا من لا يحتاج إلى تفسير ، صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا
وقد أنشأ مدرسة تربوية روحية تقوِّم السلوك الإنساني للفرد لبناء مجتمع فاضل مميز معافى من الآفات الإجتماعية والإنسانية وغيرها من خلال تكوين أسرة فاضلة يكونها الفرد بعد تقويم الشخصية .
الإرشاد إلى الإعتماد على الله :
روي أنه صلوات الله عليه مر برجل وهو قاعد على باب رجل فقال له: ما يقعدك على باب هذا المترف الجبار؟ فقال: البلاء . فقال له: قم فأرشدك إلى باب خير من بابه ، وإلى ربٍ خير لك منه ، فأخذ بيده حتى انتهى به إلى المسجد ،مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: استقبل القبلة وصل ركعتين ثم ارفع يديك إلى الله عز وجل فاثنٍ على الله وصل على رسوله صلى الله عليه وآله ثم ادع بآخر الحشر وست آيات من أول الحديد وبالآيتين اللتين في آل عمران . ثم سل الله سبحانه فإنك لا تسأل شيئا إلا أعطاك.
وروى فرحة الغري : ان الإمام زين العابدينصلوات الله عليه ورد الكوفة ودخل مسجدها وبه أبو حمزة الثمالي وكان من زهاد أهل الكوفة ومشايخها فصلى ركعتين وذكر دعاء إلى أن قال فتبعته إلى الكوفة فوجدت عبداً أسود معه نجيب وناقة فقلت يا أسود مَن الرجل فقال: أو تخفى عليك شمائله؟ هو علي بن الحسين عليهما السلام ،قال أبو حمزة: فأكببت على قدميه أقبلهما فرفع رأسي بيده وقال يا أبا حمزة : إنما يكون السجود لله .
درس آخر في العزة والكرامة وعدم الخنوع والخشوع إلا لله عز وجل