وقع زواجهما المبارك في اليوم الأول من شهر ذي الحجة من السنة 2هـ ، ويسمى بزواج النورين، وتحظى هذه الواقعة بأهمية كبيرة عند الشيعة لأن كلاً منهما عليهما السلام، من أعظم الشخصيات وإنهما أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن الأئمة المعصومين هم ثمرة هذا الزواج المبارك، ويدل أيضاً هذا الزواج على مكانة الإمام علي عليه السلام عند النبي صلى الله عليه وآله حيث زوّجه بضعته الطاهرة عليها السلام واختصه بهذا من دون باقي المؤمنين.
- قصة الزواج
كان الإمام علي عليه السلام في السنة الأولى من الهجرة النبوية ابن أربع وعشرين سنة؛ وكان لا بُدَّ له من الزواج وبدء الحياة المشتركة، وكانت فاطمة الزهراء عليها السلام قد بلغت يومئذ التاسعة من عمرها.
فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فبينما صلّيت يوم الجمعة صلاة الفجر، إذ سمعت حفيف الملائكة، وإذا بحبيبي جبرئيل ومعه سبعون صفّاً من الملائكة مُتوّجين مُقرّطين مُدَملجين ، فقلت: ما هذه القعقعة من السماء يا أخي جبرئيل؟! فقال: يا محمد! إن الله عز وجل أطّلع على الأرض إطّلاعةً فاختار منها من الرجال علياً ، ومن النساء فاطمة ، فزوّج فاطمة من علي . فرفعت فاطمة عليها السلام رأسها وتبسّمت... وقالت: رضيت بما رضي الله ورسوله.
قال أنس : أقبل علي فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: «يا علي، إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة، فقد زوجكها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت» . فقال علي : قد رضيت يا رسول الله ... فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «بارك الله عليكما وفيكما وأسعدكما وأخرج منكما الكثير الطيّب» .
- الزواج في السماء
قال رسول الله (ص): هذا جبريل يخبرني أنّ الله زوَّجك فاطمة، وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك، وأوحى إلى شجرة طوبى: أن انثري عليهم الدرّ والياقوت، فنثرت عليهم الدرّ والياقوت، فابتدرت إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدرّ والياقوت، فهم يتهادونه بينهم إلى يوم القيامة.
قال ابن أبي الحديد : وإن إنكاحه عليّاً إيّاها ما كان إلاّ بعد أن أنكحه الله تعالى إيّاها في السماء بشهادة الملائكة.
وعن ابن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي».
في الرواية : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى فاطمة عليها السلام ... فقال فيما قاله: «فَواللهِ لو كان في أهلي (أهل بيتي) خيرٌ منه ما زوجتكِ إياهُ (بهِ) ومَا أنا زوجتُكِ وَلكنَّ اللهَ زوّجَكِ» .
وفي رواية أخرى : «لو أنّ عليّاً لم يكن (لم يخلق) (وروي: لم يتزوجها) لم يكن لفاطمة كفؤٌ».
- تاريخ الزواج
كان زواج النورين أمير المؤمنين عليه السلام من فاطمة الزهراء عليها السلام ـ في المشهور ـ سنة 2 هـ ليلة الخميس، وقيل: الإثنين.
- جهاز زواج الزهراء (عليها السلام)
كان جهازها عليها السلام أربعمائة وثمانين درهماً سود هَجريّة .
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ أمير المؤمنين عليه السلام جاء بالدراهم وسكبها في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقبض منها قبضة، وكانت ثلاثة وستين أو ستة وستين. وكانت ثمن درع الإمام عليه السلام فأعطى أم أيمن لمتاع البيت، و أسماء بنت عُميس للطيب، و أم سلمة للطعام، وأنفذ معهن عمّار وأبا بكر و بلال ليبتاعوا ما يصلح للبيت من باقي الأثاث، ومن ذلك:
1- قميصٌ بسبعة دراهم.
2- خمارٌ بأربعة دراهم.
3- (عباءةٌ) قطيفةٌ سوداءٌ خيبريةٌ.
4- سريرٌ مزملٌ بشريط.
5- فراشٌ من خيش مصر محشوٌ بالصوف.
6- وسادةٌ محشوةٌ بليف النخل.
7- أربعةٌ مرافق من أدم الطائف محشوةٌ بـ أذخر.
8- سترٌ من صوف رقيق.
9- حصيرٌ هجريٌ.
10-- رحى اليد.
11-- سقاءٌ من أدم.
12- مخضبٌ من نحاس.
13- قعبٌ للّبن.
14- وشنٌ للماء.
15- مِطْهَرةٌ مزفّتةٌ.
16- جرّةٌ خضراء.
17- خزف.
18- نطعٌ من أدم.
19- عباءٌ قطوانية.
20- قِربةُ ماءٍ.
- وليمة الزفاف
عن ابن عباس في قصة زواج امير المؤمنين عليه السلام قال: دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلالاً ، فقال : (يا بلال، إني زوّجت ابنتي ابن عمي، وأنا أحب أن يكون من سنة أمتي إطعام الطعام عند النكاح، فأت الغنم، فخذ شاة، وأربعة أمداد أو خمسة، فاجعل لي قصعة لعلي أجمع عليها المهاجرين والأنصار، فإذا فرغت منها فآذني بها) .
- ملاحظة
ولو لاحظنا يوم مولد الإمام عليه السلام (13 رجب 30 من عام الفيل) إلى حين وصوله المدينة (12 ربيع الأول سنة 43 من عام الفيل) واستقراره إلى رجب، فسوف يكون قد أكمل ثلاث عشرة سنة من عمره، وإذا أخذنا بقول الشيخ المفيد (رحمه الله) بأن الزواج في شهر محرم ـ كما عليه ابن طاووس أيضاً ـ فسوف يكون عمره أربع عشرة سنة، وإذا كان الزّواج في ذي الحجة من السنة الثانية من الهجرة فسوف يكون قد دخل في سنّ الخامسة عشرة من عمره.