سمي بهذا الاسم لأنه تصب فيه الرحمة والمغفرة من الله سبحانه وتعالى على العباد، وقد تظافرت الأخبار والروايات عن النبي محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمة الأطهار بجلالة قدره وعظيم فضله، وقد سمي هذا الشهر بعدة اسماء نذكر منها رجب و الاصب والاصم وسمي ايضا عند العرب بالمُعلى وكذلك بالمقيم والمبرئ والهرم.
وبحسب ما ذكرت روايات اهل البيت أنما يُوصف عادةً شهرُ رجب بالمرجَّب وبالأصب، فيقال رجب المرجَّب، ورجب الأصب.
أمَّا معنى المرجَّب فهو المعظَّم، فرجبُ المرجَّب معناه رجبٌ المعظَّم، والترجيب في اللغة هو التعظيم ، ويقال فلانٌ مرجَّب أي هو جليل القدر ومُهاب الجانب، ومن ذلك قول الشاعر: أَحْمَدُ رَبّي فَرَقًا وأَرْجَبُه أي وأُعظِّمه[1].
ومنشأُ وصف شهر رجب بالمرجَّب هو أنَّ العرب -على سنَّة إبراهيم (ع)- كانت تُعظِّمه، فلا تستحلُّ فيه القتال وسفك الدماء، وهو من الأشهر الحُرم. وقد خصَّه الإسلام بالمزيد من التعظيم والفضل، فجعل ثواب عمل الصالحات فيه مضاعفًا، وحثَّ على صوم أيامه وإحياء لياليه بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن والذكر.
وقد جاء عن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم: " يسمى الرجب الأصب لأن الرحمة تُصَبُّ صباً فيه"
وسمي ايضا بالاصم حيث ورد ذلك الاسم في رواية عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول فيها : "ألا إنّ رجب شهر الله الأصمّ وهو شهر عظيم، وإنّما سمي الأصم لأنه لا يقاربه شيءٌ من الشهور حرمة وفضلاً عند الله، وكان أهل الجاهلية يعظمونه في جاهليّتهم فلمّا جاء الإسلام لم يزدد إلا تعظيماً وفضلا". 4
وفي كل الاحوال فان هذا الشهر العظيم قد عظم شأنه في الجاهلية وفي الاسلام .....
فعن الإمام الكاظم عليه السلام: "رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات". وهو شهر أمير المؤمنين فقد روى انه عليه السلام كان يصوم رجباً ويقول: "رجب شهري وشعبان شهر رسول الله" وشهر رمضان شهر الله عزّوجلّ".
ويكفيه فضلا وعظمة هو انه الشهر الذي ولد فيه سيد الوصين وامام المتقين علي بن ابي طالب اخو رسول الله وخليفته بالحق امام الهدى ومنبع التقى اسد الله الغالب وسراطه المستقيم وحبله المتين الذي من تمسك به نجى ومن تخلف عنه هلك
وفي السابع والعشرين منه كان المبعث النبوي الشريف حيث بعث الله فيه سيد الخلق اجمعين وخاتم الانبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه واله الطيبين الطاهرين باعظم رسالة واجل امر وجعله رحمة للعالمين ...
وفيه ايضا ولادة نورين من انوار ال محمد وهما الامامين محمد الباقر ومحمد الجواد عليهما السلام .
وهو من الأشهر الحُرم التي عظمها الله تعالى. وهو موسم الدعاء فعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: "إن الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكاً يقال له الداعي، فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كلّ ليلة منه إلى الصباح: "طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين" يقول الله تعالى: "أنا جليس من جالسني ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي، فمن اعتصم به وصل إليّ".
وهو شهر ليلة الرغائب التي أكَّد النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم على إحيائها بقوله: "ولا تغفلوا عن أول ليلة جمعة فيه فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك أنه إذا مضى ثلث الليل لم يبقَ ملك في السماوات والأرض إلا يجتمعون في الكعبة وحولها ويطلع الله عليها اطلاعه، فيقول: يا ملائكتي، سلوني ما شئتم، فيقولون: ربنا حاجتنا أن تغفر لصُوَّام رجب، فيقول الله تبارك وتعالى: قد فعلت ذلك". وقد ذكر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عمل هذه الليلة من صلاة ودعاء، عقَّبه صلى الله عليه وآله بالقسم بالله أن من فعله غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال وعدد أوراق الأشجار.
جعلنا الله واياكم من المعظمين لحرماته المتقربين له بذكره في هذا الشهر المعظم.
إعداد .. جعفر البازي