وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي اليوم الجمعة (24 /5 /2019) ان عبارة (لاتجعل يوم صيومك كيوم فطرك) نجدها محل اهتمام الكثير من الائمة المعصومين عليهم السلام، مبينا ان هذا الاهتمام والتأكيد والتكرار جاء ليؤكد بان لشهر رمضان خصوصية تتمثل في ان الاجواء الايمانية والبركات والفضل الالهي تجعل القلوب رقيقة والنفوس لديها سرعة الاستجابة والتأثر بالنصائح اكثر من بقية الشهور.
واضاف اننا في حياتنا نتعرض للزلات والعثرات والتقلب مما يجعلنا بحاجة الى مراجعة الذات والنظر في تلك الاخطاء والذنوب والخلل والفشل في مسيرة الحياة، لافتا الى ان شهر رمضان يمثل افضل موسم لمراجعة الذات وتقييم المسيرة واصلاح الفشل.
واوضح ان من جملة الامور التي تهددنا تتمثل بالتقاطع والتباعد والهجران والشقاق بسبب التنافس والصراع والازمات واختلاف الاراء والمعتقدات والاحتكاك بين الناس في الحياة مما يولد الحقد والحسد والصراع.
وبين ممثل المرجعية ان الاسلام والائمة المعصومين عليهم السلام ارادوا ان يكون المجتمع الاسلامي قويا ومتماسكا بعلاقاته الاجماعية لتكون لديه القدرة على مواجهة وتجاوز المشاكل والازمات بنجاح وان يواجه الاعداء بقوة ويمنعهم من اختراقه او التأثير فيه.
ولفت الى ان الاسلام والائمة المعصومين عليهم الاسلام ارادوا ان نظهر للاخرين مبادئنا وقيمنا في التراحم والتكاتف والتعاون وعدم الظهور بمظهر التقاطع والهجران والضعف، اي اظهار الصورة الحقيقية للاسلام.
ودعا الشيخ الكربلائي الى ضرورة العمل بدعاء الامام السجاد عليه السلام الخاص بدخول شهر رمضان لما يمثله من منهل معرفي واخلاقي واجتماعي والذي جاء فيه (وَأَعِنَّـا عَلَى صِيَامِـهِ بِكَفِّ الْجَـوَارِحِ عَنْ مَعَاصِيْكَ وَوَفّقْنَا فِيهِ لأنْ نَصِلَ أرْحَامَنَا بِالبِرَّ وَالصَّلَةِ، وَأنْ نَتَعَاهَدَ جِيرَانَنَا بِالإِفْضَالِ وَالعَطِيَّةِ، وَأنْ نُرَاجِعَ مَنْ هَاجَرَنَا، وَأنْ نُنْصِفَ مَن ظَلَمَنَا، وَأنْ نُسَالِمَ مَنْ عَادَانَا..).
واكد ان صلة الرحم تمثل مبدأ وقيمة وخلق ديني وانساني عام وانها لاتقتصر على المسلمين والمؤمنين، مشيرا الى ان قطيعة الرحم تضر الجميع في الدنيا والاخرة كما ان الارحام يمثلون الظهير والسند في الازمات والملمات، مستشهدا بحديث للامام علي عليه السلام ورد فيه (أَيُّهَا النّاسُ، إِنَّهُ لاَ يَسْتَغْنِي الرَّجُلُ ـ وَإِنْ كَانَ ذَا مَال ـ عَنْ عَشِيرَتِهِ، وَدِفَاعِهِمْ عَنْهُ بِأَيْدِيهِمْ وَأَلسِنَتِهمْ، وَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةً، مِنْ وَرَائِهِ وَأَلَمُّهُمْ لِشَعَثِه، وَأَعْطَفُهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ نَازِلَة إنْ نَزَلَتْ بِهِ)
واستدرك ان الكثير من الايات القرانية والاحاديث اكدت على ضرورة صلة الرحم لما فيها من اجر عظيم في الاخرة ومعطيات كثيرة في الدنيا من بينها تزكية الاعمال وتنمية الاموال وزيادة بالعمر وغير ذلك من المعطيات، لافتا الى قطيعة الارحام كما ورد في بعض الاحاديث تأتي بعد الشرك بالله، وكذلك ما ورد عن امير المؤمنين عليه السلام (اقبح المعاصي قطيعة الرحم).
وبين ان البعض يتعامل مع صلة الرحم بمراتب، احيانا يكون التعامل بالمثل اي اذا وصلوه يصلهم واذا زاروه يزورهم واذا اهدوه بادلهم واذا قطعوه قاطعهم، مبينا ان المرتبة العليا تتمثل بمبادلة الاساءة بالاحسان من خلال الصفح والعطف والتجاوز، مؤكدا على ضرورة صلة الارحام بتجاوز الاساءة وعدم مقاطعتهم، مستشهدا بموقف لرجل جاء الى النبي صلى واله وقال له ان لي اهلا وكنت اصلهم وهم يؤذوني وقد اردت رفضهم ومقاطعتهم فرد علي النبي صلى واله (اذا يرفضكم الله جميعا).
وجدد ممثل المرجعية الدينية العليا تأكيده في ختام الخطبة على ان الصوم الحقيقي هو الذي يصل به الانسان الى التقوى وليس الغرض منه الجوع والعطش فقط.