عائلة موصلية تكشف عما عاشته ابان الاحتلال الداعشي الارهابي.. كانو يعلمون ابناءنا (عبوة + عبوة يساوي عبوتان) (مصور)

5d18b86394f57.jpg

تاريخ الاضافة: | عدد الزيارات:698

 

     كشفت عائلة من مدينة الموصل عما جرى عليهم ابان حكم داعش الارهابي،  وما مر به المواطن الموصلي من أيام سوداء ومأساوية بسبب اجراء تطبيق فقرات الدستور الداعشي الهمجي، والغريب بحسب تعبيرهم، خاصة وأنهم تعرضوا لجور بعض أحكامه أو كانوا شهود عيان على تنفيذ البعض الأخر منها.

في لقاء خاص، أجري مع احد العوائل الموصلية التي عاشت في تلك الفترة المظلمة وذاقت ويلات وعذابات الدستور الداعشي الهمجي، لتسرد به قصصا هي اقرب للخيال منه للواقع، إبَّان حكم ما يسمى بـ(دولة الخلافة الإسلامية).


وقال لنا (م) رب الأسرة الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه أو نشر صور عائلته، "تعرف ابني على جندي من الحلة اسمه كرار عبر الانترنت، وأصبحا صديقين، وكان يراسله باستمرار، سأل كرار ولدي كيف سقطت الموصل؟ فأجابه الموصل لم تسقط ولكن دخلها الساقطون، ولكن لم تتوقع هذه العائلة الموصلية التي وصلت إلى كربلاء أن تكون هذه الإجابة التي وقعت بيد الدواعش سببا في زيادة محنتهم وهم يرضخون مجبرين تحت أحكام ما انزل الله بها من سلطان بحسب وصفهم، والتي شملت فنون الإرهاب والإجرام الذي تخطى كل حدود العقل والقيم الإنسانية التي كرم الله بها بني البشر، وبقصص غريبة وأساليب هي اقرب للخيال منها للواقع، حيث ذاقت العائلة نفسها مع أهالي الموصل من الذين لم يستطيعوا مغادرة المدينة، مرارة الواقع المأساوي الذي عاشته هذه المدينة خاصة بعد أن وقع ابنهم أسيرا لدى الدواعش".


وأضاف (م) "في البداية دخل الموصل ما يسمون أنفسهم مهاجرين (وهم شيشانون وروس وأتراك وخراسانيون) وكانوا هم الذين يتحكمون بنا وفي كل منطقة كان هناك احدهم، ولا يمكن التفاهم معهم حتى من قبل أبناء المناطق المنتمين لداعش، وإذا أرادوا أن (يتوسطوا) لأحد فأنهم لا يستطيعون منع تنفيذ الأمر أو الفتوى ولكن يمكنهم تنفيذها في مكان خاص بعيد عن الأنظار وليس بالشارع، ولا نستطيع أن نقول كلمة مواطن لان هذه اللفظة ممنوعة، ويجب أن نقول الأخ، ويوجد لديهم مكتب يسمونه مكتب شكاوى الأخوة".


وأكد (م) بأنه لم يبايع داعش أو ينتمِ إليهم سوى الناس حسب ما اسماهم (الساقطين) الذين لا يوجد لديهم أي التزام ديني أو أخلاقي، فقد أغروا بالأموال والامتيازات التي منحهم إياها الدواعش، "وعلى سبيل المثال فان العائلة الواحدة من أهل المدينة إذا كانت تحصل على (5) لترات نفط في الشتاء، فان المبايعين لهم يحصلون على برميل نفط كامل أو أكثر مع ثلاثة قناني غاز، وعندما يأمرون شخصا ويقولون له بايع لا يستطيع أن يرفض مباشرة وإنما كنا نراوغ معهم ونحاول أن نتخلص منهم بشتى الطرق، والشخص الذي يعارضهم يلفقون له تهمة، بأخذه إلى مقرهم في الساحل الأيمن وكان سابقا يسمى كنيسة الساعة، وعند المبايعة تحصل على امتيازات كثيرة".


وتحدث (م) عن الجانب الصحي فقال "أن المشرف على المراكز الصحية والمستشفيات بجميع كوادرها، داعشي (قذر) في اكثر الاحيان لا يتجاوز عمره (20) سنة ولا يمتلك أي شهادة، هو المسؤول الأول والأخير في المستشفى، ويجبر الأطباء على أجراء العملية حتى وان قال الطبيب أن هذا المريض لا يحتاج إلى عملية، وهو الذي يحدد موعد إجراء العمليات ولمن تجرى، أما الأدوية فهي تصرف أيضا حسب موافقة هذا الشخص من حيث الكمية والنوعية، ومجمع طب الأسنان يعمل لهم ولعوائلهم فقط ولا يحصل المواطن العادي على أي علاج أسنان".


وشرح (م) طريقة الدراسة والمناهج التي يعتمدها الدواعش في المدارس، "الأغلبية تركت الدراسة لأنهم أصدروا منهاج داعشية بامتياز، فمثلا في درس الرياضيات كانت (عبوة+عبوة= ان شاء الله عبوتان) و (طلقة+طلقة= بأذن الله طلقتان)، وكانوا يرسمون صورة لجندي عراقي ويكتبون عليه رافضي ويضعون علامة (أكس) على صدره، ويسألون الطلاب كم تقدرون المسافة حتى تستطيعوا التصويب على الهدف، ويقولون بأنهم يحتلون العراق أولا ثم يصلون بعدها إلى احتلال روما وهذا في اعتقادهم وتفكيرهم ومنهجهم، ولكن الله سبحانه وتعالى خذلهم".


ووصف (م) الثقافة الداعشية بالغريبة، "إن وصف الداعش بالهمج قليل بحقهم، لان التتار والمغول ثقافتهم أفضل منهم، بل لم يخلق الله على الكرة الأرضية وفي الكون مثيلا لهم في القذارة والانحراف، فكنا لا نستطيع الخروج من المنزل وعندما نريد الخروج، يدرجون اسم الشخص في الحاسبات الموجودة في سيطراتهم، فاذا كان احد أقاربه من أي درجة منتسب في الأجهزة الأمنية سوف يعدم بدلا عنه، ولهذا لم نستطع أن نخرج".


وذكر لنا (م) بعضا من فقرات الدستور الداعشي الغريب حيث كان هو وعائلته ممن طبق عليهم بعض أحكامه او بنوده أو كانوا شهود عيان على تنفيذ البعض الأخر منها:
1. لا يسمح للمرأة أن تفتح باب البيت، وان فتحت الباب وشوهدت من قبل إحدى الداعشيات، فهي تذهب ويؤتى بما يسمى بالحسبة، ويطوقون الدار ويضعون تلك المرأة أمام زوجها وأطفالها وكل الموجودين في الدار ويتم جلدها.
2. وإذا شوهدت امرأة في الأسواق وهي غير مرتديه كفوف في يديها، يأتون بامرأة يسمونها العضاضة وهي ترتدي أنياب تشبه أنياب الذئاب، وتقوم بعضها بالشارع، وبعض النساء أصيبت بالسرطان وماتت من جراء هذه العضة.
3. وإذا كان رجل وزوجته يسيران بالشارع و(بنطرون) الرجل طويل فيجلسونه بالشارع ويكسرون رجليه من المكان المطلوب تقصير (البنطرون) منه أمام الناس.
4. الماء الذي تشربه مره واحدة عليك (15) جلدة ويجب عليك أن تشربه ثلاث مرات.
5. وإذا شوهدت سيكارة بيدك أو مسبحة فيدخلون أنبوب ماء في إصبعك ويكسر، وقد تعرضت أنا شخصيا لهذه العقوبة.
6. وعندما يتهمون احدى النساء بالزنى وهذا طبعا بجلب اثنين من شهود الزور، ويجلبون عربة من الحصى ويقومون برجمها، حيث يشكلون حلقة من (25) داعشي حولها، ويرجمونها إلى أن تموت وأخر شيء يضربون رأسها بكتلة من (البلوك).
7. كانوا يعدمون الناس بوضع الشخص في حوض (تيزاب)، أو يسكبون عليه البنزين ويحرقونه، أو يضعونه في قفص وينزلونه في النهر، أو يذبحونه بسكين قديم.


وبين (م) ان الأيام الأخيرة قبل دخول القوات العراقية للموصل بأنها أيام سوداء ومأساوية على حد قوله، "وصل سعر السيجارة الواحدة في الأيام الأخيرة قبل تحرير المدينة إلى (5000) دينار، وفي الساحل الأيمن وصل سعر علبة السجائر إلى (350) ألف دينار، وكيس الطحين وصل إلى (1.5) مليون دينار، وأخذت الناس تأكل الحشيش (الثيل)، وعندما عرفوا إن الناس تأكل هذا النوع من الحشيش، قام الدواعش ببيع الكيلو (الثيل) الواحد بـ(10) آلاف دينار". موضحا في ذات الوقت "إن سيارات الدواعش كانت تأتي إلى بيوت الدواعش أنفسهم وبيوت من بايعهم وهي محملة بأنواع المأكولات والمشروبات، بينما تتوسل بهم الأطفال في شوارع المدينة من اجل الحصول على قنينة ماء فلا يعطونهم، ويقولون لهم اشربوا من البئر، فكان حصة كل عائلة يوميا (2) (جلكان) ماء بئر فقط وتستخدم للغسل والطبخ والشرب".


ورمق (م) ولده (ع) الذي لم يتجاوز الـ (17) سنة من العمر وكان يجلس بالقرب منا بنظرة طويلة هذه المرة، فعرفت انه يريد أن يشركه في الحديث، فقلت له وما قصة ولدك (ع) مع الدواعش؟، فأجاب بمرارة وكأنه يعيش الموقف: كان هناك جندي من الحلة (محافظة بابل) اسمه كرار وهو صديق له تعرف عليه عن طريق الانترنت، وكانت بينهم مراسلات، وفي احدى الرسائل سأل كرار ولدي كيف سقطت الموصل؟، فاجابه (ع) الموصل لم تسقط ولكن دخلها الساقطون، وحصل إن اطلع صدفة جار لنا وهو داعشي على موبايل (ع) فوجد فيه اسم كرار واسم حيدر وبه بعض الحسينيات، والرسالة التي ذكرتها.


وواصل (م) حديثه بالدموع والحسرة، "وفي اليوم الثاني جاءت سيارة من الدواعش واصطحبوا ابني من البيت إلى مكان مجهول، ولم نستطيع السؤال عنه او نبعث احدا غيرنا، لان من لم يبايع البغدادي لا يسمح بالاستفسار عنه، وصبرنا أنا ووالدته بمرارة، وبعد (20) يوم تقريبا اتصل بي شخص وقال: "تعال اخذ ابنك"، وعندما يتصلون بأي شخص بهذه الطريقة يعني أن يستلمه من الطب العدلي، ولكنه قال" "لا من مركز الشرطة"، فاستغربت من الأمر ولكن عندما ذهبت وجدت يده ورجله اليسرى مكسورة، وفطر في رجله اليمنى، فحمدت الله وشكرته إني وجدته حيا".


واسترسل (م) "بعد مرور أسبوعين بدأ نظر ولدي يضعف، ولا يستطيع أن يرى طريقه بسهوله، لان الدواعش كانوا يضعون السيف على رقبته وهم يربطون عينيه ويضربونه (بأخمص المسدسات) على جانبي رأسه يوميا، لنزع اعترافات منه بأنه يتعاون مع القوات العراقية، وقد راجعت به العديد من الأطباء فيما بعد، وشخصوا مرضه بأنه ضمور في عصب العين وان هذا قد يؤدي به إلى أن يفقد البصر نهائيا".

وفي سياق أخر تطرق (م) إلى ما وجدوه في بيوت الدواعش بعد دخول القوات العراقية، "وبعد التحرير من قبل القوات العراقية من حشد وجهاز مكافحة الإرهاب والجيش، دخلنا على البيوت التي كان يسكنها الدواعش من أمراء وقادة، ووجدنا فيها مشروبات روحية بمختلف أنواعها، وحبوب كبسلة".


وأشار (م) إلى ما كان يفعله الأهالي عندما يسمعون بقرب وصول القوات العراقية، "كانت الكثير من الناس وخاصة العوائل والأطفال في داخل مدينة الموصل عندما يسمعون بقدوم الحشد والجيش والشرطة الاتحادية قد وصلوا إلى أطراف الأحياء السكنية بمسافة قد تكون (200) متر أو أكثر، فأنهم يخرجون متلهفين ومسرعين باتجاههم لأنهم يعتبرونهم المنقذ الوحيد لهم من هذا الظلم، ولكن (القناصين) من الدواعش كانوا لهم بالمرصاد، وان أسوأ ما في الأمر أنهم عندما يشاهدون عائلة يبدؤون بقنص الطفل أولا لتأخير العائلة ثم الأم ثم الأب، أما الدواعش فقبل وصول الجيش والحشد والشرطة يكونون قد هرّبوا عوائلهم ثم هربوا هم بعد ذلك، وان هناك 30% من النازحين في المخيمات هم من الدواعش ومعهم عوائلهم أتمنى أن تنتبه القوات العراقية إلى ذلك وتلقي القبض عليهم".


وأشاد (م) وأفراد عائلته بشجاعة القوات العراقية من الجيش والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية وقوة مكافحة الإرهاب، ومواقفهم الإنسانية والأبوية اتجاه أخوانهم المواطنين من سكنه مدينة الموصل وبجميع أطيافهم ودياناتهم بدون أي تفرقة، وانه حتى عوائل الدواعش كانت تحاط بهذه العناية، "مما رأيناه في أم أعيننا إن القوات العراقية كانت تأخذ عوائل الدواعش إلى المستشفيات لمعالجتهم معتبرين هذه حالة إنسانية والعوائل لا تتحمل مسؤولية أجرام أب العائلة أو ولي أمرها، رغم أن هؤلاء الأشخاص قد أوغلوا في الإجرام والذبح والقتل"، موضحا "بأنه عند تبليغ القوات العراقية بوجود احد الدواعش فهم يطلبون منا شهودا ووثائق تثبت ذلك قبل أن تقبض عليهم".


وأكد لنا (م) استشهاد الكثير من أفراد القوات العراقية من اجل إنقاذ حياة أطفال الموصل، "إن ما نشر عن انتهاكات للجيش العراقي والحشد الشعبي جميعها مضلله وغير صحيحة، وعندما يتحدثون عن الحشد وعن انتهاكات الحشد، فأنا من هنا متأكد 100% أن أهل الموصل يريدون الحشد هو الذي يدخل الموصل ويحررها ولا يقبلون بكل من يدعي غير ذلك مهما تكن صفته السياسية او الدينية، لأن الأهالي الموجودين عند دخول القوات العراقية شاهدوا بأنفسهم وبأم أعينهم إن الحشد والمقاتلين من جهاز مكافحة الإرهاب، يذهبون ويضحون بحياتهم لمسافة (100) متر لإنقاذ طفل رغم ان الطفل مستهدف من قبل الدواعش، وشاهدنا في احدى المرات الرصاص يتخطف احد أبطال القوات العراقية من كل جانب وهو يحتضن طفل ويجري لإنقاذه، وان الكثير من هؤلاء الأبطال استشهدوا من اجل إنقاذ أرواح المواطنين في الموصل".


وقبل ختام حوارنا مع العائلة الموصلية بينوا، أن المواطنين في الموصل يحبون إخوانهم في كربلاء وفي جميع مدن الوسط والجنوب الأخرى، "واقسم بالله بأنني قبل أن احضر مع عائلتي إلى هنا بأربعة أيام، طلب مني عشرات الأشخاص من أهل الموصل المجيء معي إلى كربلاء، ولكن البعض من ضعاف النفوس هناك كانوا يسألوننا إلى أين انتم ذاهبون إلى كربلاء؟ فأنكم ذاهبون إلى الموت بأرجلكم، وقد ولد هذا الرعب في نفوس أفراد عائلتي قبل أن يصلوا إلى هنا، ليجدوا اهتماما ومحبة جعلتهم ينسون كل ما تعرضوا له من إرهاب وقسوة الدواعش، ونفكر بجدية أن نعيش هنا مع إخواننا واحبائنا في هذه المدينة المقدسة".
ومما جرى أو كان يجري من أحداث وحوادث في المدن المنكوبة بالاحتلال الداعشي، ولم يطلع عليها أو يعرفها أو يتخيلها إلا من عاش هذه المحنة وذاق طعم مرارتها، خاصة وإن هناك العشرات بل الآلاف من الأشخاص لم يستطيعوا أن يتحدثوا بها خوفا على حياتهم أو يخشون أن لا يصدقهم احد أو مداراة لمصلحتهم الخاصة، نرى بأنه من واجب الإعلام الحر والنزيه بكل أصنافه (المسموع، والمرئي، والمقروء) كشف كل ما هو خفي ومستور وإظهاره للعيان ليكون درسا مهما وضروريا للأجيال القادمة ليس في العراق فحسب وإنما في جميع دول العالم، بان لا يسمحوا للأجنبي المحتل مهما كانت نوع العباءة التي يرتديها أن يدنس أرضهم أو يخدعهم بوعود زائفة وكاذبة، وان يجعلوا مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات، باتخاذهم ما حدث في هذه المدينة والمدن العراقية الأخرى التي أعلنها داعش رسميا مركزا لخلافته المزعومة بعد احتلالهم للموصل في 10 من شهر حزيران 2014 لغاية إعلان تحريرها من قبل القوات العراقية في10 تموز 2017 خير دليل وبرهان على زيف تلك الادعاءات وبطلانها.

محسن الحلو

 


تطبيق الاذاعة
لأجهزة الآيفون
تطبيق الاذاعة
لأجهزة الأندرويد