برعاية العتبة الحسينية المقدسة، وبحضور قرابة (1000) شخصية دينية وعلمائية ونخب اكاديمية من داخل وخارج العراق ومن مختلف الطوائف، وأكاديميين، شهدت محافظة النجف الاشرف اليوم الخميس 9 /6 /2022، وعلى قاعة المجمع العلوي في العتبة العلوية المقدسة انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي الخاص بالمرجع الديني الراحل السيد محمد سعيد الحكيم.
وقال ممثل المرجع الديني الأعلى والمتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في كلمته خلال افتتاح فعاليات المؤتمر، "ما عسى أن يقول به لساني ويتفوه به منطقي ويفصح عنه بياني بمحضر من علمائنا الأعلام، ومن نالوا فضل العلم، وشرفه، ولكن نزولا عند رغبة السادة الكرام من اهل العلم والفضل والجهاد من عائلة كتبت سيرتها بمداد العلم ودم الشهداء وحلق القيود في سجون الظالمين من آل الحكيم الكرام، فوقفت بمحضركم راجيا من الله تعالى القبول والعفو والمغفرة، ومن حضراتكم قبول الاعتذار مني ونحن اذ نجتمع اليوم لاستذكار سيرة فقيه نذر نفسه الشريفة لنصرة الدين والمذهب، وكرس حياته المباركة لخدمة العلم واهلة".
وأوضح "أشهد أن له مكانته السامية، وتراثه العلمي الجليل وخدماته الجليلة للمؤمنين وطلبة العلم، وهذا ما عاشه الجميع ممن عاصره، ونهل من فيض علمه، وتقواه (قدس سره الشريف)".
وأضاف أن "هذا المؤتمر إنما هو انطلاقة لتخليد تراث وسيرة فقيها من فقهاء اهل البيت (عليهم السلام) عرف بكونه عالما فقيها جليلا صابرا محتسبا في سبيل الله، رغم ما أصابه (قدس سره) وأسرته الكريمة المجاهدة، فكان نعم الصابر المجاهد في سبيل الدين ونصرة المؤمنين".
وتابع "لقد بذل المرجع الفقيد جهودا كبيرة في سبيل رعاية الحوزة العلمية، وطلبتها، ولم يغني لهذا عن رفد المكتبة الاسلامية من المؤلفات والموسوعات القيمة التي تدل على سعة علمه واطلاعه في الفقه والاصول، والعقائد، والتاريخ، والسيرة، رغم الأوضاع الصحية التي المت به بعد سنين الاعتقال والسجون في زمن النظام البائد، وايمانا من إدارة العتبة الحسينية المقدسة بأن من مهام الادارات الحالية للعتبات المقدسة هو الحفاظ على تراث علمائنا الأعلام، من هنا سعت العتبة الحسينية المقدسة على تخليد ذكرى الأعلام من مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) وتأبينهم واحياء تراثهم، وذلك من خلال اقامة المؤتمرات العلمية التي تعنى بتحقيق ونشر اثار هؤلاء العلماء الأعلام".
وبين "وها نحن اليوم في رحاب علم من اعلام حوزة النجف الأشرف الذي عاصرناه جميعا، ورحل الى ربه في العام الماضي سماحة آية الله السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره الشريف) الذي عبر عنه المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه) في بيانه التأبيني في العالم الرباني فقيه أهل البيت (عليهم السَّلام)، وهو احد اعلامها البارزين الذي نذر نفسه الشريفة لنصرة الدين والمذهب، وكرس حياته المباركة في خدمة العلم واهله، وخلف تراثا علميا جليلا يحظى بمكانة سامية بين اهل العلم وطلابه".
ولفت "نستقرأ التاريخ المعاصر لمدينة النجف الأشرف التي حلت مكانتها المرموقة في الزمالة الدينية والمرجعية الكبرى للتشيع وما قدمته على هذا الصعيد نجدها رغم معاناتها المريرة تؤتي في كل حين ثمرا يانعا من قطاف نتاجها في مدرسة الاجتهاد، والمرجعية، مما يدل على عمق اصالتها وعمق كيانها العلمي، ووفائها لمبادئها الحقة التي ضحى من أجلها اهل بيت العصمة (عليهم السلام)، ومن الصفحات المضيئة الجديرة بالبحث، هذا القبس من الملامح العامة بحق سماحة سيدنا المعظم المرجع الديني الكبير ايه الله سماحة السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره الشريف)، وفي ما كانت الحوزة العلمية تعيش المعاناة والاضطهاد فقد وجدنا سيدنا المرجع الحكيم (قدس سره الشريف) قد نذر نفسه ليدخل في مسيرة قاسية يذلل فيها الصعاب لخدمة مذهب اهل البيت (عليهم السلام)".
وأشار إلى أنه "عرف بالأوساط العلمية بالنجف الأشرف بمناقشاته الجادة، واراءه ومبادئه العلمية العالية، الأمر الذي جعله متميزا بين اقرانه بسبب استحكام أسس البناء العلمي الرصين الذي هيء له المكانة السامية التي بلغها بجدارة وكفاءة، وعرف عن سيدنا الحكيم (قدس سره الشريف) اهتمامه بالتدريس والتأليف منذ بدايات شبابه حيث كرس وقته لتطوير المستوى العلمي للكثير من الشباب بالحوزة العلمية من خلال المباشرة بتدريسهم ومتابعة جهوده العلمية، فكان له الفضل الكبير في بلوغ الكثير من الفضلاء المستويات العلمية العالية مع الاهتمام بتربيتهم ليتصفوا بالتقوى حيث شاركوا برفد الحوزة العلمية بمساهمات مهمة عن طريق التدريس والتأليف والتحقيق".
ونوه إلى أن "سماحته أهتم بتفعيل دور المرجعية الدينية الرصينة بالمجتمع لتتوثق العلاقة بين الامة وبين الحوزة العلمية، والمرجعية الدينية فيأمنوها على دينهم ودنياهم وكذلك التأكيد على الاستقامة والثوابت الدينية العقائدية والفقهية والسلوكية التي حفظها العلماء الأعلام جيل بعد جيل بعد ان استلهموها من القرآن الحكيم والسنة الشريفة، ويؤكد سماحته على اهمية التزام هذه الأسس والصمود بوجه اعاصير المحن والفتن وفي ضوء هذه المعطيات انبثق هذا المؤتمر لتنطلق من خلاله ثله مؤمنة من اهل العلم والمعرفة لتحقيق وتخليد علوم وسيره سيدنا الفقيه (قدس سره)".
وختم الشيخ الكربلائي كلمته قائلا "نسأل الله تعالى أن يوفق هذا الثلة التي كلفت بمهمة تأبين واحياء التراث الفكري والاصولي والعقائدي والسيرة بصورة عامة، والسيرة الجهادية لسماحته (قدس سره)، وأن توفق وتسدد من قبل الباري جل وعلى للنجاح في مهمتهم كما يحب الله تعالى ويرضاه، وان يكون موضع قبول ورضا وسرور من الائمة الطاهرين (عليهم السلام)، وفي نفس الوقت نؤكد على اننا نرحب بجميع التوصيات والمقترحات التي يرفدنا بها العلماء الأعلام واصحاب الفضيلة العلمية وان ينفع بهذا الجهد اهل العلم والجهاد والمتقين والصالحين من عباده انه سميع مجيب".