قال الله في محكم كتابه العزيز (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ {فصلت/30} نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ).
قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله (تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي حتى تردوا عليه الحوض فلا تسبقوهم فتضلوا ولا تتخلفوا عنهم فتهلكوا)
وقال الرسول صلى الله عليه وآله (إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك).
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته
أيها الاخوة والاخوات الحضور من الاشقاء والمحبين والموالين مع حفظ الألقاب والعناوين السلام عليكم جميعا ورحمة الله تعالى وبركاته.
ترحب الامانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة وعلى رأسها سماحة العلامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) بقدومكم وحضوركم لهذا المؤتمر المبارك مؤتمر (نداء الاقصى) ونبتهل لكم من تحت قبة مثوى القداسة والأجساد الطاهرة بقبول أعمالكم وأن تكتب خطواتكم وكل مساهمة منكم في ميزان وصحيفة أعمالكم يوم الحساب مختومة بدم الشهادة وشذا أريج النبوة.
تزامنا مع مسيرة النهضة الحسينية لزيارة الاربعين وإنعقاد هذا المؤتمر المبارك نرى أن هذه الآية الكريمة التي أنزلها الله تعالى في كتابه العزيز هي منطلق إيماني وفكري وعقائدي وتبعث في نفوسنا الامل والاطمئنان إذا ما تمسكنا بخط الرسالة السماوية التي حملها الرسول الاكرم والمتمثلة في حديث الثقلين المتواتر عن الفريقين (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما إن تمسكم بهما لن تضلوا بعدي حتى تردوا عليه الحوض فلا تسبقوهم فتضلوا ولا تتخلفوا عنهم فتهلكوا)، فهذه الآية الكريمة وهذان الحديثان الشريفان متلازمان ومترابطان كشرط لنعيم الدنيا والآخرة.
ونحن نعيش هذه الأيام الخالدة من مسيرة النهضة الحسينية لزيارة الاربعين التي أسس بنيانها الامام أبو عبد الله الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه بدمائهم الطاهرة الزكية التي ارتوت منها أرض كربلاء المقدسة لتبقى شجرة النبوة ورسالة السماء أبوابا مشرعة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ولتبقى مقدسات المسلمين حقًّا يحمل لواءه أحفاد المسلمين جيلا بعد جيل حتى يتحقق النصر المبين ، فلولا نهضة الإمام الحسين عليه السلام ما نهضت الامة وما بقي من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه فالإمام الحسين عليه السلام حمل لواء الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقضاء على تسلط الفاسدين والطغاة على رقاب أبناء هذه الأمة الشرفاء.
ونحن نجتمع هذا اليوم في هذا المؤتمر المبارك مؤتمر (نداء الأقصى) بحضور الثلة الخيرة والمؤمنة من أبناء هذه الامة لنخاطب العالم أجمع ونقول إن فلسطين والقدس هي مهبط الرسول محمد صلى الله عليه وآله التي بارك الله فيها كما قال الله تعالى في كتابه العزيز (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) صدق الله العلي العظيم.
ومن مدينة الإباء وقلعة المستضعفين والثوار وقبلة الأحرار مثوى سيد الشهداء وريحانة الرسول الأكرم محمد وسيد شباب أهل الجنة نتوجه بأفئدة المسلمين الشرفاء من كل انحاء المعمورة لنشارك اهلنا في بيت المقدس مشاعر الالم واللوعة مما يكابدون بما حل بهم من اضطهاد وحصار وتهجير، وإننا ننطلق من هذا النداء بقلوب دامية وعيون عبرى وصدور حرى لما يتعرض له الشعب الفلسطيني الابي فعيون المسلمين النجباء ترمق إلى مقدساتهم ما دام فيهم روح وعرق ينبض ولن نستسلم لهذا الجبروت والطغيان ولا لمشاريع الاستسلام والخنوع مستعينين برب السماوات والارض في ان هذا الحق سيعود الى اهله اذا ما تمسكنا بنهج الثقلين وفي مقدمتها نصرة القرآن الكريم وتطهيره من دنس الاعداء والمنحرفين مستمدين من التأريخ المشرق لأهل البيت عليهم السلام وتضحياتهم لا سيما تضحيات الإمام الحسين عليه السلام ونهضته متوكلين على الله تعالى في آياته فالأعداء على مختلف أجناسهم وفي مقدمتهم الصهاينة لم توقظهم العقوبة الاولى ولا نبهتهم عودة النعم الإلهية مجددا بل تحركوا بإتجاه الإفساد في الارض مرة اخرى وسلكوا طريق الظلم والجور والغرور والتكبر واستوطنوا مقدساتنا واذلوا اهلنا في فلسطين المحتلة تدعمهم قوى الظلام والضلال.
ومن هذه المنبر ندعوكم ايها الحضور ويا شرفاء العالم والامة الاسلامية في كل مكان لنطلق صرخة الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشورء (والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد، هيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وانوف حمية ونفوس ابية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).
فهذه الصرخة الكبيرة التي اعلنها الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء ستبقى جذوتها متقدة ومدوية تنتشر في كل بقعة من بقاء العالم فأصبحت وامست كل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء لأنها صرخة الحق ضد الباطل وضد الطغيان والاستعباد والغطرسة فهي من مبادئ وقيم السماء التي حملها الإمام الحسين عليه السلام نيابة عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله فالإمام هو الامتداد الطبيعي الروحي والعقائدي لجده المصطفى صلى الله عليه وآله وقد أعلنها الرسول الاكرم صراحة في قوله (حسين مني وانا من حسين أحب الله من أحب حسينا).
إذا فلنتحد جميعا ونطلق هذه الشعارات الحسينية فالأمة الإسلامية مدعوة لنصرة المسجد الاقصى وتحرير الشعب الفلسطيني من خلال إحياء نهضة الإمام الحسين عليه السلام ومبادئه التي خط لها مسارا للحرية والتحرر من الاستعباد والاستيطان والعيش بكرامة. فالإمام جسَّد مبادئ الإسلام ورسالة جده كما ان المتتبع لتأريخ الحركات التحررية في العالم الحديث والمعاصر سيجد ان معظمهم يتبنون مبادئ الإمام الحسين عليه السلام في نهضته، فإلى أشقائنا في فلسطين والقدس نقول نحن إخوة على دين واحد ونرعى وندعم القضايا المصيرية لكي تستفيق الامة من سباتها ولكي تستعيد مجدها وكرامتها وعزتها وشرفها وان رعايتنا لهذا المؤتمر هو امتداد للنهضة الحسينية وتجديد مساندتنا للشعب الفلسطيني، فمؤازرتكم ونصرتكم لهذه القضية الكبرى هو الإعلان عن تجديد نصرتكم وبيعتكم للنهضة الحسينية، بل هو جزء من الوفاء للرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وآله واهل بيته عليهم السلام ونحن نعرب عن تأييدنا وتأكيدنا لما ورد في بيان سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله في 29 شهر رمضان 1442 هجرية والتي جاء فيه أن المرجعية الدينية تؤكد مساندتها القاطعة للشعب الفلسطيني الابي في مقاومته الباسلة للمحتلين الذين يسعون إلى قضم المزيد من اراضيه وتهجيره من أجزاء اخرى من القدس الشريف وتدعو الشعوب الحرة إلى دعمه ونصرته في استرجاع حقوقه المسلوبة وان المواجهات العنيفة التي تشهدها ساحات المسجد الاقصى وسائر الاراضي المحتلة تظهر بلا شك مدى صلابة الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الغاشم واعتداءاته المستمرة وعدم تخليهم عن أراضيهم المغتصبة مهما بلغت التضحيات.. تحية اجلال وإكبار الى الشعب الفلسطيني الصابر والصامد والمجاهد فالإمام الحسين عليه السلام روَّى بدمه الطاهر ارض كربلاء فتحولت الى ارض مقدسة وانتم بدماء شهدائكم تروون أرض القدس لكي تبقى طاهرة من دنس المحتلين وستبقى راية فلسطين والقدس خفاقة على ربوع الارض المحتلة.
المجد كل المجد والخلود لأبناء الأمة المجاهدين والمدافعين عن شرفهم ودينهم ومقدساتهم والرحمة والغفران لشهداء الامة الشرفاء.
بسم الله الرحمن الرحيم (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) فليكن شعارك يا اخي المسلم هي صرخة الإمام الحسين سيد الشهداء عليه السلام يوم الطف انها دعوة لنصرة المضطهدين والمظلومين ونصرة الحق وإعادة الحقوق المغتصبة إلى اهلها .
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .