أكد الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة الاستاذ حسن رشيد العبايجي، ان " نهضة الامام الحسين (عليه السلام)، انتصرت في اليوم الأول من معركة الطف الخالدة لأنها ضد الباطل ورفضا للذل والخنوع والاستسلام فأنتصر الدم على السيف.
وقال الاستاذ حسن رشيد العبايجي في كلمته خلال إنطلاق فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الثامن لزيارة الأربعين في قاعة خاتم الأنبياء في الصحن الحسيني الشريف، إن "الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة وعلى رأسها ممثل المرجعية الدنية العليا والمتولي الشرعي الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ترحب بهذا الجمع المبارك ونتمنى لكم طيب الإقامة وقبول أعمالكم ومشاركتكم في المؤتمر العلمي الدولي الثامن لزيارة الأربعين".
أضاف، أن " نهضة الامام الحسين (عليه السلام)، انتصرت في اليوم الأول من معركة الطف الخالدة لأنها ضد الباطل ورفضا للذل والخنوع والاستسلام فأنتصر الدم على السيف، وانتصرت رسالة الإسلام فأصبح الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء، وبقيت أصداء هذه الملحمة (1400) عام لا يمحى ذكرها، واستمر حمل مشعل الامام الحسين (عليه السلام) لمسيرة الاربعين بحملة اعلامية كبيرة قادها ولده الامام زين العابدين (عليه السلام) والعقيلة زينب (عليها السلام) في محطات جهادية كبيرة وكثيرة أمام السلطة الأموية الطاغية والجائرة وأذنابها، فكانت كلمة حق أمام سلطان جائر وباغي فضحت فيه الانحراف والطغيان والفساد الاموي"،
واضاف أن "زيارة الأربعين تعكس جانبا من الصور المأساوية وتثير الأحزان بما تعرض اليه آل بيت الرسول محمد (صلى الله عليه وآله السلام) من ظلم وجور وإبادة جماعية على يد أبناء الطلقاء والادعياء وتمثل عبرة وعبرة لكل من له بصيرة وموقف أنساني نبيل لنصرة الحق والوقوف بوجه الظلم والظالمين".
وأوضح، أن "نهضة الامام الحسين (عليه السلام) أصبحت عالمية بمعنى الكلمة وتعاطفت معها العقول والقلوب شعوبا وقبائل ورؤساء ومفكرين من مختلف الاديان والقوميات في مشارق الأرض ومغاربها لأنها ثورة الحق ضد الباطل والظلم والجور وهذا ما كان يقصده الامام الحسين (عليه السلام) حين قال (لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا انما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر)، وقد نجح بأبي وأمي في نهضته المباركة هذه، لان المسلمين وغير المسلمين الذين ينتصرون للحق والإنسانية يجتمعون في كل عام في موضع قبلة الاحراء وقلعة الثوار عند مثوى القداسة والطهر لقبر أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ويبكون شهداء العدالة والحرية والحق ويلعنون أمية وأل أمية وآل زياد ومروان وأتباعهم، لذلك يتسابق الموالون والمحبون لزيارة الامام الحسين (عليه السلام) لان له فضل كبير على سائر الأمم والقوميات من المسلمين وغير المسلمين فهو الذي سن الثورات ضد الطغاة والظالمين".
وبين "ولكي لا تهدأ جذوة هذه النهضة العظيمة للأمام الحسين (عليه السلام) تجتمع اليوم كل الاجناس والألوان والقوميات وبمختلف اللغات كلهم ينادون بكلمه لا يختلف في لفظها ولا معناها ويخرجون بمسيرات منظمة وينادون بلوعة وحرقة (ياحسين) وقد شملت جل بقاع الأرض من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ويختلط شرقي الارض بغربيها بأصوات تمتزج بالعبرات الحزينة ( أبد والله لا ننسى حسينا) رافعين الشعارات والهتافات التي تقرأ فيها المظلومية، وفي ذات الوقت تمتزج فيها معاني الثورة ضد الظلم والطغيان، وما جموع الوالهين بحب محمد واله (عليهم السلام) بهذه المسيرات المليونية إلى قبلة الحرية والفداء الا تلبية لذلك النداء ولنصرته الذي دعي بها الامام الحسين (عليه السلام) (هل من ناصر ينصرنا وهل من موحد يخاف الله فينا وهل من مغيث يرجو الله في أغاثتنا)".
وأشار "اليوم يصدح الاشقاء الفلسطينيين بنداء الأقصى وبنفس نداء الامام الحسين (عليه السلام) ويقدمون صورا جهادية وبطولية عظيمة مستلهمة من المبادئ الحسينية وقيمها ويفجرون بركان ثورتهم ونهضتهم ومقاومتهم بوجه المحتلين الصهاينة متحدين كل الظروف والالام والماسي والحصار والجوع والتشريد والإبادة الجماعية برفضهم للذل والهوان والاستسلام مجسدين صرخة الامام الحسين (عليه السلام) وكأنهم يرددون صوت الحسين (عليه السلام ) (والله لا أعطيكم بيدي أعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وحجور طهرت ونفوس أبيه وأنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام)".
ولفت "نحن من هذا المنبر الحسيني نشاركهم بقلوبنا وأنفسنا هذه الصرخة الحسينية مستلهمين من ثورة الامام الحسين (عليه السلام) منارا ونبراسا في ادامة قيم التضحية و الإباء وعدم الخضوع والاستكانة للظلم والطغيان والثبات والتصدي لكل الأنظمة العالمية المتجبرة لاسيما هذا الكيان الصهيوني المتوحش كما وصفها الاب الروحي المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، قائد المسيرة والنهضة الإنسانية وصوت الحكمة والرحمة والمنارة التي تهتدي بها الأمم لتقف بوجه التحديات الكبرى من عواصف البغي والطغيان وهذا ما تجلى بوضوح في البيان الأخير حول المجزرة الوحشية التي أرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة في مدرسة التابعين التي تؤي المشردين والنازحين مدافعا عن المظلومين وناطقا باسم الضمير الإنساني الذي يرفض الصمت أمام جرائم ترتكب بحق الأبرياء، وقد وصف ذلك العدوان الاثم بأنه جرائم نكراء نفذتها وحوش بشرية تعكس روحه الإنسانية التي تفيض ألما على ما يحدث في غزة وتدعو العالم بأسره للتصدي لهذا التوحش الفظيع وكذلك الدعم غير المحدود الذي يحظى به هذا الكيان من بعض الدول الغربية الظالمة التي تستخدم المعايير المزدوجة في التعامل مع القضايا الإنسانية المنافية والمعادية لحقوق الانسان، لتحقيق مصالحها على حساب الشعوب المستضعفة".
وتابع "كما دعا الى التكاتف والتلاحم بين الشعوب الإسلامية والإنسانية لبناء جبهة قوية قادرة على التأثير في موازين القوى العالمية الذي من شأنه تعزيز الوحدة الإسلامية والانسانية في مواجهة العدو المشترك والظلم الدولي".
واستطرد قائلا: إن "هذه الدعوات النبيلة والصادقة تعكس الدور القيادي للمرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف كمرجعية دينية عالمية فهذه البيانات تؤكد دور المرجعية كصوت للعدالة الإنسانية في العالم الإسلامي والإنساني وتمثل دعوة عالمية للضمير الإنساني للتحرك، وبذلك وضعت القضية الفلسطينية في قلب العالم وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، كما أن هذه البيانات الكبيرة والعظيمة المناهضة لهذا الجبروت والطغيان الصهيوني يعكس التزاما مبدئيا وراسخا بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للامة الإسلامية والإنسانية، وأن الدفاع عن هذه المظلومية واجب شرعي وأخلاقي وانساني".
ونوه إلى، أنه "من هنا فالمطلوب أن يقف الجميع موقف المناصر للحق والدفاع عن المظلومين ونصرة المستضعفين وعدم الوقوف موقف الحياد والخذلان لهؤلاء الذين ترتكب بحقهم أبشع الجرائم من قبل الكيان الصهيوني الغاصب وكل بحسب إمكاناته وموقعه، ومن المهم ونحن نعيش أجواء زيارة الأربعين أن نستلهم من هذه المناسبة العالمية العظيمة البطولة والتحمل والصبر والجلادة وهذا ما جسده الشعب الفلسطيني في غزة، وهو يمثل روح الثورة الحسينية وامتدادها في الوقت الحاض، ونحن نجد في هذا الشعب المظلوم وهو يتعرض لحملات الإبادة الجماعية من خلال القتل والتشريد والتجويع والحرمان من أبسط حقوق الانسان ممثلا حقيقيا لإرادة الامة الإسلامية والانسانية ومدافعا عن مقدساتها، فهو مثالا فريدا وبطوليا في التحمل والصبر ولم يصدر منه أي فعل يدل على الجزع وفقدان الصبر وهذا هو الامتداد الطبيعي لنهضة الامام الحسين (عليه السلام) في كل عصر ومصر، وهذا الصمود الأسطوري لشعب غزة والضفة الغربية والإرادة الفولاذية لهذا الشعب المظلوم أذهلت وأبهرت الأعداء والأصدقاء، وتمثل نصرا كبيرا للشعب الفلسطيني بعد سبعة عقود من الكفاح والنضال على الرغم من قلة الناصر وخذلان الأقربين الذين ضربت عليهم الذلة والمسكنة ولم يستطيعوا من أدخال قارورة ماء الى هذا الشعب المظلوم بل فرضوا عليه الحصار في كل شيء أرضاءا لاسيادهم".
وزاد، "نسأل من الله أن يتقبل أعمالكم ويكتب لكم العزة والكرامة ويسدد لكم في كل خطوة من مساهماتكم بالكلمة وبما تمليه أناملكم وقلوبكم الطيبة في نصرة أخواننا في فلسطين ومؤازرتهم ومساندتهم تحت راية الإمام الحسين (عليه السلام ) وصوت الحسين (عليه السلام) الذي ملا الخافقين، فنشد على أيديكم بتحريك الضمير العالمي بالتكاتف والتعاضد والتضامن لنصرة الحق والانسانية بكلمة وصرخة مدوية ترهب أعداء الدين والإنسانية، تطلق من أجوافكم بـ (لبيك ياحسين)، فأنها قوة ضاربة تهز مضاجع الطغاة والمتجبرين فراعنة العصر والحكام المتسلطين على رقاب الشعوب وتقضي على الفساد والمفسدين في الأرض وتنتصر ولو بعد حين".
واختتم قائلا: "نتقدم بخالص شكرنا وتقديرنا الى مركز الدراسات والبحوث على ما يبذله من جهود كبيرة، لإقامة هذا المؤتمر لإحياء الضمير العالمي والإنساني لكل شعوب العالم المظلومة والمضطهدة والتي تؤمن بالحرية والاستقلال والكرامة والوقوف بوجه التوحش الفكري والثقافي من خلال استضافة هذه النخب الكبيرة من القامات الفكرية والثقافية والدينية والعلمية بما تحمل من فكر أنساني عالمي لنصرة الحق والإنسانية".